د. رانيا موسى

دكتوراه في الاتيكيت

والبروتوكول الدولي

0

لا توجد منتجات في سلة المشتريات.

د. رانيا موسى

دكتوراه في الاتيكيت

والبروتوكول الدولي

Blog Post

أصل المثل الشعبي: تيتي تيتي… متل ما رحتي، متل ما جيتي

26 يونيو 2025 أمثال و اقوال
أصل المثل الشعبي: تيتي تيتي… متل ما رحتي، متل ما جيتي

عبير موسى


لم تكن تيتي هانم امرأةً عادية. كانت تمشي وخلفها ظلان: ظل قبعتها العريضة، وظل غرورها الذي لا ينتهي.

في زمن الولاية، حين كانت الشكاوى تُرفع إلى مقام الوالي، قصدها أهل الحي مستنجدين:

– يا تيتي هانم، أنتِ وجه الخير. لو سمحتِ، احكي مع الوالي، صارت الأسعار غالية، والخبز صعب ينشَرى، والضرائب رح تاكلنا…

هزّت كتفيها برقة ودلع، وقالت وهي تتفقد أظافرها:
– أكيد طبعًا، رح أعمل اللازم كرمالكم… بس 🙂‍↔️

وفي اليوم التالي، لبست أبهى ثيابها: فستان مطرّز بخيوط ذهبية، حذاء من حرير دمشقي، وعطر غير عادي. ركبت عربتها وتوجهت إلى سرايا الولاية.

دخلت السرايا، وكل الأنظار عليها. الخدم والحُجّاب يتابعون خطواتها وكأنها لوحة من متحف.

عند باب القاعة الكبيرة، انحنى الحاجب وقال:
– مولانا الوالي بانتظارك…

دخلت بابتسامة وكبرياء، وجلست على الكرسي المخملي وكأنها صاحبة المكان.

– أهلًا وسهلًا تيتي هانم، عسى الطريق ما كان متعب؟ – قال الوالي وهو يدير مسبحته بملل.

أجابت وهي تتمايل:
– الطريق حلوة، بس طويلة متلكم… بتاخدوا وقت على كل شي.

ضحك الوالي مجاملة، ثم سألها:
– شو جابك لهون؟ في شي مهم؟

تنفست بعمق وقالت بخجل:
– ما في شي مهم… بس حبيت أطمن عن صحتك يا مولانا.

وهكذا، نسيت، أو تناست، شكاوى الحي وتعب الناس وفقرهم.

شربت قهوتها، تحدثت عن الطقس، وضحكت على نكات الوالي التي لا تُضحك.

عادت إلى القرية، فاستقبلها الأهالي بلهفة وشوق، بانتظار ما تحمله من أخبار.

همست أم خليل إلى أم فريال بقلق:
– رجعت جناب الهانم… يا رب تكون جابت شي غير أخبار العطور والسرايات.

– أكيد خففوا الضريبة، أو بعتوا دعم، ردّت أم فريال بتفاؤل.

وقبل أن يُكملا حديثهما، نزلت تيتي هانم من العربة بخطى واثقة، واقتربت منهن وقالت بفخر:
– مسا الخير يا جماعة…

ردوا عليها:
– مسا النور، تيتي هانم… ها؟ بشرينا!

ابتسمت وقالت:
– والله يا حبايبي، متل ما رحت متل ما رجعت… الوالي كان مشغول وما قدرت احكي معه بشي.

ساد الصمت، وعيون النسوة تكلمت قهرًا.

قالت إحداهن:
– يعني متل ما رحتي متل ما جيتي…

ومن يومها، صار يُقال هذا المثل عند كل مشوار بلا نتيجة، وكل شكل بلا فعل.

فكل الحكاية… تيتي هانم، والمثل انحكى على اسمها.

الكاتب:
Related Posts
Write a comment
Need Help?