د. رانيا موسى

دكتوراه في الاتيكيت

والبروتوكول الدولي

0

لا توجد منتجات في سلة المشتريات.

د. رانيا موسى

دكتوراه في الاتيكيت

والبروتوكول الدولي

Blog Post

هل مات البروتوكول؟

هل مات البروتوكول؟

مدرّبة إتيكيت وبروتوكول دولي


حين يتحوّل الاغتيال إلى خطاب رسمي…
حين تتهاوى المصطلحات في حضرة الغضب…
حين يُقابَل العدوّ لا بمفردات القانون بل بلغة التصفية الجسدية…
يصبح السؤال مشروعًا:
هل مات البروتوكول؟

في زمن التسارع الإعلامي، لم تعد بعض التصريحات تمرّ مرور الكرام، خاصة إذا صدرت عن لسان رئيس دولة كبرى.
وهنا، تقف الأعراف الدولية في مأزق.
هل يجوز لرئيس دولة أن يتوعّد علنًا بقتل أو اغتيال رئيس دولة أخرى، حتى في حال نشوب حرب؟
هل يدخل هذا التوعّد ضمن ما يُسمّى خطابًا سياسيًا؟ أو هل تبرّره ظروف التصعيد والنزاع المسلح؟
والأهمّ: هل ما زال هناك مكان للبروتوكول في زمن العنف العلني؟

🔻 الجواب بكل صراحة:
لا، إطلاقًا.
ليس من البروتوكول، ولا من القانون الدولي، ولا من الأعراف الدبلوماسية، أن يُعلن أو يُلمّح رئيس دولة – سواء بشكل مباشر أو عبر قنواته – بنيّة قتل أو اغتيال قائد خصم.
بل يُعدّ هذا التصريح:

🔴 انتهاكًا صارخًا لـ:
1. اتفاقيات جنيف التي تحظر القتل المتعمّد خارج إطار المعارك التقليدية.
2. ميثاق الأمم المتحدة الذي يكرّس مبدأ احترام السيادة وعدم التحريض على العنف الشخصي.
3. الأدبيات البروتوكولية التي، رغم كل توترات السياسة، ما زالت تُلزم الخطاب الرسمي بالوقار، حتى تجاه الخصوم.

⚠️ ولماذا هو تهديد خطير؟
لأنه يُطبع فكرة القتل كوسيلة تفاوض…
لأنه يُضعف حضور القانون الدولي، ويُطمس الحدود بين ما هو رسمي وما هو فوضوي…
ولأنه يُشكّل سابقة قد تنسف حدود السلوك الحضاري في العلاقات بين الأمم.

💭 درس من التاريخ:
حتى في الحرب العالمية الثانية، رغم كل الجرائم التي ارتكبها النظام النازي، لم يُهدّد قادة الحلفاء علنًا باغتيال هتلر.
كان الردّ عسكريًا، والمحاسبة لاحقًا، ضمن محكمة دولية.
لقد فهم القادة آنذاك أن الاغتيال ليس خطاب دولة، بل تفكّك في التوازن بين العدالة والانفعال.

🕊️ بروتوكوليًا، ما هو البديل؟
حين تتحدث دولة، لا تتكلّم بصوتها فقط، بل بصوت القانون.
حتى العدوّ، يُخاطب بلغة تحفظ شكل الدولة المتحدّثة.
ولهذا يُقال مثلًا:
▪️ “نحمّل القيادة المعادية كامل المسؤولية عن العواقب”
▪️ “نحتفظ بحق الرد وفق الأطر الشرعية الدولية”
▪️ “نُدين التصعيد ونلجأ للمؤسسات الدولية”

أما التوعّد بالقتل أو الاغتيال؟ فهذه لغة منفلتة لا تليق بخطاب دولة.
وهو منزلق لا تُبرّره ظروف الحرب، ولا تبرّره الانفعالات.

وفي خضمّ هذا المشهد الغاضب، لا بد أن نسأل من جديد:
هل مات البروتوكول؟
أم أنّه يحتضر على ألسنة من يجهل قيمته، ويرى فيه ضعفًا، لا قوّة راقية؟

الكاتب:
Related Posts
إتيكيت التحقّق من الأخبار وتداول الشائعات

مدرّبة إتيكيت وبروتوكول دولي في زمنٍ صارت فيه المعلومة أسرع من الضوء، لم يعد نقل الخبر مجرّد حديث عابر، بل…

استهداف طوابير المعونات الغذائية – جريمة حرب بحق الجائعين

مدرّبة إتيكيت وبروتوكول دولي في عالمٍ يدّعي التحضّر، لا تزال أبشع صور الانتهاك الإنساني تُمارَس تحت سمع ومرأى العالم. من…

Write a comment
Need Help?