تيتي هانم

عبير موسى
لم تكن تيتي هانم امراة عادية فكانت تمشي وخلفها ظلان: ظل قبعتها العريضة وظل غرورها اللامتناهي…
في زمن الولايه عندما كانت الشكاوى ترفع لمقام الوالي، جاءها اهل القرية او الحي مستنجدين بها:
– يا تيتي هانم 🥺 انت وجه الخير. لو سمحت احكيلنا مع الوالي، صارت الاسعار كتير غاليه، والخبز صعب نشتريه، والضرايب رح تاكلنا ورح نموت من الجوع…
هزت كتافها برقة ودلع وقالتلهم وهي عم تطلع باظافرها المطليه:
– اكيد طبعا رح اعمل اللازم كرمالكم بس 🙂↔️…
وتاني يوم لبست تيابها وكامل اناقتها: قفطان مطرز بخيوط ذهبيه، حذاء من حرير دمشقي، وعطر غير شكل… ركبت العربة وراحت سرايا الولايه.
دخلت تيتي هانم السرايا وعيون الخدم عليها والحُجّاب عم يتابعوا خطواتها كانها لوحة مرسومة جايه من شي متحف،
وبس وصلت القاعة الكبيرة انحنى الحاجب وحكالها بصوت عذب:
– مولانا الوالي بانتظارك…
دخلت وهي عم تبتسم مع كبرياء، ولا كأنو في مشاكل او شكاوي من قريتها، وقعدت على الكرسي المخملي وكأنو هي صاحبة السرايا.
– اهلا وسهلا تيتي هانم… عسى الطريق ما كان تعب عليك؟ – قلها الوالي وهو يحرك مسبحته بملل…
ردت عليه وهي عم تتغنج وتمايل راسها:
– الطريق حلوة بس طويلة وبعيدة، متلكم بتاخدو وقت على كلشي…
ضحك الوالي مجاملة وسألها:
– شو جابك لهون؟ في شي مهم؟
اخدت نفس عميق مع ضحكة خجولة وقالتله:
– ما في شي مهم، بس قلت ازورك واطمن عنك واطمن عن صحة مولانا.
ويا اما نسيت او تناست شكاوي الحي وقصصهم والضرائب وتعب اهل القرية والفقر اللي هن فيه 🥺،
وشربت قهوتها وحكيت عن الطقس وقصص ما الها داعي ونكات الوالي اللي ما بتضحك اصلا.
رجعت عالقرية واستقبلوها اهل القرية، وكانوا بانتظارها ناطرين بشوق ولهفة الاخبار.
همست ام خليل لام فريال وهي قلقانه وتعبانه من الهم:
– رجعت جناب الهانم، لنشوف شو جابت اخبار، يا رب تكون اخبار جيدة غير اخبار العطور والسرايات…
– اكيد بيكون الوالي خفف الضريبه، ويمكن نزل باسعار الطحين، وباعتلنا دعم – ردت ام فريال.
وقبل ما يكملوا حديثهم، نزلت تيتي هانم من العربه، ومشت بخطوات واثقه، وقربت منهم وقالتلهم:
– مسا الخير يا جماعه – مع ضحكة فخورة.
ردولها:
– مسا النور تيتي هانم، ها؟؟ بشرينا، يا رب اخبار حلوة من حضرة الوالي 🤲
قالت:
– والله يا حبيباتي متل ما رحت متل ما رجعت، ما قدرت احكي للوالي شي، كان مشغول كتير ومش فاضي…
سكتوا الجارات وعيونهم عم تحكي من القهر، وقالولها:
– يعني متل ما رحتِ متل ما جيتي… صوت بلا فعل وشكل بلا فايدة. كنا غلطانين اصلاً إنو فكرناها سفيرة لضيعتنا، وما منها فايدة.
ما كان بدها تسمع شو عم يحكوا، وعملت حالها مش سامعه، لأنو طبعاً مش فاضية لكلامهم، وعم تظبط قفطانها ومشيت…
فكان المتل: “تيتي تيتي متل ما رحتِ متل ما جيتي”…
واي شي بيصير بلا فايدة أو مشوار أو طلعه، منقول: تيتي تيتي متل ما رحتي متل ما جيتي…
فهو كل القصة تيتي هانم، والمثل انحكى على اسمها 🤷♀️

عبير موسى بزمان مش كتير بعيد… بس يعني قبل ما يخترعوا الريجيم 😅كان في امرأة اسمها حليمة.هالمرأة كانت جداً بخيلة،…

عبير موسى كل الناس بتحكيه، بس مين هي يا ترى “براقش”؟!! براقش كانت كلبة (إي والله، كلبة!) عند قبيلة عربية…